القناة – محسن أبناو
في الوقت الذي أكد فيه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الاثنين، عدم حضور الملك محمد السادس للقمة العربية المقررة في الجزائر، والتي تنطلق غدا الثلاثاء، أكد على حساسية التوقيت الذي تنعقد فيه القمة التي تأجلت لأكثر من عامين بسبب جائحة “كوفيد 19”.
وشدد الوزير المغربي، الذي يرأس الوفد الرسمي للمملكة المغربية خلال الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب في الجزائر العاصمة، على أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمملكة خلال القمة، مشيرا كذلك إلى ضرورة إيلاء الجانب الاقتصادي قدرا كبيرا من الاهتمام لضمان مضي العمل العربي المشترك قدما.
وجاءت تصريحات بوريطة ضمن حوار أجرته وكالة “سبوتنيك” الروسية مع المسؤول المغربي على هامش اجتماعات قمة الجزائر، والذي تنقل تفاصيله “القناة” كما يلي:
تردد في الإعلام أن الملك محمد السادس كان سيحضر القمة العربية، ما هو الموقف الآن؟
جلالة الملك لن يحضر على رأس الوفد المغربي إلى القمة.
كان هناك حديث حول إشكالية داخل غرفة الاجتماع المغلقة بين المغرب والجزائر، فما الذي تم تجاوزه الآن بين الوفدين؟
نكرر مجددا، نحن نحضر قمة لجامعة الدول العربية، تحتضنها الدول على التوالي بالترتيب الأبجدي، لا نحضر في قمم تنظمها الدولة بمبادرة وتنظيم وباستدعاء منها ووفق أجندة أو رؤية خاصة.
وإذا اتفقنا أن هذه قمة جامعة الدول العربية، ولها قواعدها وشروطها، فهناك مسؤوليات وحقوق بالنسبة للدولة المضيفة والبلدان المدعوة، وكل يجب أن يحترم دوره وغيره، وهذا هو المنطلق الخاص بالمغرب.
المغرب ساهم بشكل إيجابي في اجتماعات كبار الموظفين والمندوبين الدائمين، لإثراء القرارات والعمل على الخروج بنتائج مفيدة، واستمر المغرب بهذا المنطق لأن تعليمات جلالة الملك أن نشارك بشكل بناء.
لكن إذا كان هناك خروج عن إطار المسؤوليات، فواجب المغرب هو أن ينبه إلى ذلك، وأن يرجع الأمور إلى نصابها، وهذا ما حدث، وفي كل مرة عند الخروج عن المسار يذكر بأنه يجب الرجوع إلى المسار الصحيح.
ما هي الرؤى الخاصة بالمغرب في هذه القمة؟
توجيهات الملك واضحة، حيث تعتبر القضية الفلسطينية ذات أهمية، فمن منطلق رئاسته لمجموعة القدس، يعطي جلالته هذا الملف مكانة خاصة. كما ساهم الوفد المغربي بشكل نشيط وبناء في إثراء القرارات حول هذه المسألة.
النقطة الثانية والتي تتعلق بالملفات الاقتصادية؛ ناقشها المغرب في إطار اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي خرج ببعض الاقتراحات حول التعامل مع القارة الأفريقية والاستراتيجية الغذائية.
أيضا المغرب لديه اهتمام خاص بالملف الليبي وكذا اليمني، ويركز على مواجهة التحديات واحترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها الوطنية، وتقوية أجهزة البلدان العربية كضرورة لمواجهة التحديات.
وبطبيعة الحال، ينظر المغرب إلى القمة العربية كحدث مهم، لكنها ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما محطة لإعطاء الزخم للعمل العربي، وسنكون خاطئين إذا اختزلنا العمل العربي في القمم فقط.
ما يجب القيام به، هو استغلال الزخم الذي توفره القمة للعمل في فترة ما بين القمم، وهذا هو الأساس. لا نتفق مع من يقول أن القمة تنعقد بعد فترة غياب، نعم كانت فترة غياب في عقد القمم لكن من الخطأ أن يكون غياب في العمل العربي المشترك.
وفعلا كانت هناك تحديات لم نواجهها، واليوم، إذا تساءلنا عن سبب غياب مواجهة الدول العربية لـ”كوفيد 19″، أو مواجهة قضية الأمن الغذائي، فلن نجد إجابات، وهذا يحتاج تفاهما وتطويرا للرؤية، أو كما يقول جلالة الملك “الدبلوماسية هي مسألة وضوح وطموح”.
كيف ترى توقيت انعقاد القمة العربية في ظل المناخ العالمي المتوتر؟
تنعقد القمة العربية في سياق إقليمي ودولي صعب جدا، يشمل ما هو مزمن وحاد، وعلى رأسه القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي المحتلة وكذلك للأماكن المقدسة في مدينة القدس وغيرها.
كما أن هناك ظروفا صعبة في دول عربية أخرى مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا والسودان والصومال.. اللائحة طويلة.
لكن هناك أيضا مستجدات على الصعيد الدولي، حيث توجد حالة من الاستقطاب الحاد. في الحقيقة، الواقع الدولي يشهد أزمات متعددة في جوانب مختلفة؛ بيئية وسياسية وأمنية وغيرها.
وأيضا تنتظر وتتساءل الشعوب العربية، والأجيال الجديدة في العالم العربي، حول مخرجات القمة العربية.
هل هناك آمال قوية للخروج بمشروعات قرارات مهمة فيما يتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة والوضع في كل ليبيا واليمن؟
أكيد، وكان هناك عمل لتحقيق توافق مهم حول مجموعة من القضايا، صحيح أنه لا يمكن حل كل شيء، لكن ما جرى صياغته من قرارات يشكل “الحد الأدنى من التوافق” حول هذه الملفات.
القضايا في منطقتنا العربية “معقدة”، مثل القضية الليبية أو السورية وغيرها، ولا تخلو من التدخلات الخارجية والدولية، ورغم أن تصور حدوث إجماع صعب، لكن الإشارة القوية التي خرجت هي أن القرارات عكست “حدا أدنى من التوافق” حول جملة القضايا.
هل يمكن أن تطبق مبادرات مثل وحدة الجامعة العربية أو المنطقة الاقتصادية أو استراتيجية الأمن الغذائي على أرض الواقع؟
دائما أقول أن رؤية جلالة الملك محمد السادس بأن الشق الاقتصادي يجب أن يحظى بنفس أهمية الشق السياسي، وبأن هناك حلولا كثيرة ضمن الاندماج الاقتصادي للعديد من القضايا بما في ذلك السياسية.
لا يمكن للعمل العربي المشترك أن يسير برجل واحدة، وينبغي أن يمضي قدما برجليه الاثنين، وجلالة الملك أعطى نموذجا في عام 2001 خلال اتفاق أغادير للاندماج بين 4 دول، والذي يمكن أن يكون نواة (مشروع) للمنطقة العربية الحرة.
وهذا يعكس كيف يتعامل جلالة الملك مع القضايا، ليس بالخطابات، وإنما بالقرارات، وبشكل تدريجي.
هل هناك تواصل بين مصر والمغرب حول القضية الليبية؟
التنسيق المغربي- المصري حاضر في كل القضايا، على اعتبار أنهما من الدول الرائدة في العمل العربي المشترك، ومن بين 30 قمة عربية حتى الآن، انعقدت 15 منها بين المغرب ومصر، وهذا يدل على ريادة البلدين في العمل العربي المشترك.
يعكس هذا أيضا المقاربة بين البلدين، وبالتالي فالتنسيق كان ضروريا بينهما، وبتعليمات من جلالة الملك كنت في تواصل دائما مع أخي وزميلي وزير خارجية مصر حول كل القضايا المطروحة في القمة وبعض الملفات الخاصة، والملف الليبي هو أحد الموضوعات التي تشهد تواصلا مستمرا.